الأحد، 17 سبتمبر 2017
ديوان قفزةٌ للمشتهَى
مهندس أسامة الخولي ...
كتاب من القطع المتوسط
130 صفحة من إصدارات مؤسسة الكرمة الثقافية طباعة طيوف
الديوان يعتبر قفزة واسعة للقصيدة العمودية يعتمد على الإدهاش والصور المغايرة والتأصيل لحركة أدبية جديدة تتجاوز شعراء السبعينيات الثمانينيات
ويعتبر الديوان عودة حقيقة للقصيدة العمودية
وعلى الطريقِ أنختُ ألفَ خسارةٍ ....
ودفنتُ في المرآةِ آياتِ الوضوحْ ....
ألقيتُ معطفَ أغنياتي عن دمي ...
فأنا ربيبُ البردِ ، شِتويُّ الجروحْ ...
بيني وبينَ البحرِ بُعْدٌ ثالثٌ ، ...
وقصيدتانِ ،
وغيمةٌ ،
وفمٌ طموحْ
مهندس أسامة الخولي :-
يصبحُ الشعرُ وطنًا حين يعبّرُ عن حوائجِ النفسِ البشريةِ ، ورغباتها ، وحين ينعتقُ من أغلال المناسبات الفارغة والمديح المزيف والهجاء البغيض.
حين يصبحُ حِضنًا آمنًا لهؤلاء المتعبين من قسوة الحياة والمصطلينَ بنار الجري وراء لقمة العيش في زمنٍ تراجعت فيه الروحانيات في مقابل الماديات والمحسوسات في مقابل الملموسات.
هنا يصبح لزاما على الشاعر أن يجعل من إنتاجه ملاذا صالحا لينقل الناس من ضيق المادة إلى سعة الروح وليس يعني ذلك أن يتحول الشاعر إلى مبشرٍ بجنةٍ سماويةٍ او فردوسٍ غيبيٍّ ولا حتى بيوتوبيا أرضية فالشعر يفقد روعته حين يتحول إلى افعل ولا تفعل ويفقد روحه حين بغلف بالحكم والمثل العليا.
وليستطيعَ الشاعر أن يبلغَ غايته يلزمَهُ عدة مقومات تلي الموهبة لا تسبقها واهم هذه المقومات هي :
1- اللغة فهي الموج الذي يحمل الإحساس من ضفة الشاعر لضفة المتلقّي
2-الموسيقى ولست أعني موسيقى الشعر الخليلي فقط ولكن كل ما اعطي للنص نغما وبالتأكيد انا منحاز لموسيقى وإيقاعات الخليل بن أحمد الفراهيدي
3-الصوره وهى ما تهمني الآن وانا بصدد التقديم لبحث مهم عن الصورة وأثرها في المتلقي.
وأنا أجزم أن الشاعر يمتلك عينا ثالثة يرى بها الأحداث فهو يلمح دقائق العلاقات بين الأشياء وبعضها ويكتشف عوالم جديدة لم تطأها الأفكار البشرية المجردة .
الشاعر المتمكن هو من يستطيع أن يرى الصورة كامله بتفاصيلها داخل الإطار ومؤثراتها خارج الإطار فالشاعر يولد بهذه العين حتى لو لم يكتشف وجودها ولكن يرى أثرها مطبوعا في نفسه ومكتوبا على صفحة الورق البيضاء لحظة المخاض.
ويتمايز الشعراء من حيث قوة هذه العين وقدرتها على البصر والتبصر تمايزا طرديا.
ان نظرة سريعة فاحصة على الشعر العربي من منشأه حتى الآن لتؤكد أن الخالد منه ما كان لشاعر يمتلك هذه العين الرائية ويكون أكثر ابصار بها من معاصريه فامرؤ الفيس بعبقريته الفذة في التصوير وعنترة ببديهيته وفطرته الشعريه الصافيه استطاعا ان يكسرا حاجز الزمن وصولا إلينا بل وسيظلا كذلك ما دامت العربية لغة تنطق
اسمعوا معي لشاهدٍ واحد من شعر امرؤ القيس لنلمس هذه القدرة البصرية العبقرية حين يقول :
مكرٍ مفرٍ مقبلٍ مدبرٍ معًا
كجلمود صخر حطّه السيلُ من علِ
اي إمكانية تصويرية تلك سأترك القارئ مع هذه الصورة لا يحتاج الأمر إلى اي أعمال للعقل ولكن فقط ان تقرأ الصورة حيث نقلها الشاعر العبقري من الواقع المرئي إلى الفضاء الشعري
ولننتقل إلى إمام الفطرة الشعريه عنترة لنرى هذا المشهد ونتابعه كأننا نعيشه الآن على الرغم من انقضاء ما يزيد عن 1600 عام يقول عنترة
يدعون عنترَ والرماحُ كأنها ...
أشطان بئرٍ في لبانِ الأدهمِ...
ما زلتُ أرميهم بثغرةِ نحرهِ...
ولبانِهِ .... حتى تسربلَ بالدَّمِ..
فَازْوَرَّ من وقعِ القِنا الصمتِ...
وشكا اليَّ بعبرةٍ وتحمحمِ ..
لو كان يدري ما المحاورةَ .... اشتكى..
ولكان لو علم الكلام .... مكلمي ...
- الله وكفى - ..
ثم يأتينا الأعشى واصفا هريرة ...
غرّاءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضُها...
تمشي الهوينى ، كما يمشي الوجَى الوَحِلُ...
كأن مشيتها من بيت جارتها...
مرّ السحاب .... لا ريثٌ .... ولا عَجِلُ
هى ذاتها العين التي جعلت ابن الرومي اشعر من المتنبي العظيم وهى عين نزار قباني حين أبدع في نقل المشاهدات اليومية على جناح الشعر
على المقاعد بعضٌ من سجائرهِ ...
وفي الزوايا بقايا من بقاياه ُ...
مالي أحدّقُ في المرآةِ أسألها ...
بأيّ ثوبٍ من الاثواب ألقاهُ...
وغيرها من الصور التي جعلته متربعا على سدرة الشعر لأعوام كثيرة
ولا يمكن أن أنسى البردوني في هذا السياق عبدالله البردوني شاعر اليمن الكبير
اسمعوا معي ..
أقبلتْ كلها الدكاكين ُ ولهى ..
كبغايا ... هربن من قصف ملهى
لم يعد من يجئُ ، جاءت سقوفٌ...
فوق أخرى ، واهٍ أتى فوق أوهى ..
او حين يقول ..
أنوي أعبُّ الكاس ... يدنو شهيدْ ..
يصدني ... أنوي ... ينادي فقيد ..
يباغتُ الرعبَ الذي لم يعد..
فيبعدُ الأدنى ، ويدنو البعيدْ..
تأتي حصى الاجداثِ ، ترنو كما..
يرنو إلى المقتولِ قتل ٌ جديد ..
ومرورا بعباقرة التصوير كمحمود حسن حين يقول
على حرفي أعكزُ كل فجرٍ
لأن النطفة الأولى إمامُ
او حين يصف الواقع المرير حين يصف أكل الحقوق في شكر أظنه من أحلى ما قرأتُ
يقول محمود حسن
ويأكلني الوصاةُ وهم صيامُ
حتى المرحلة المعجزة مرحلة الشاعر الرائد أحمد غراب والحقيقة يحق لأحمد غراب مدرسته ان نفرد له مقالا مستقلا وانا على يقين أن مقالة واحده لن تكفي لشرح عبقرية التصوير عند احمد غراب او وصف قدرات عينه الثالثة ولكن دعونا أسوق لكم مثال فقط من آلاف الصور العبقرية عنده
يقول احمد غراب ..
أنا هنا فوق أكفاني أصيخ الى..
قوافل الريح تعدو فوق مقبرتي ..
أشمّ بالظنّ ألوان النهار كما..
كانت تشمّ مخاض السحب أوردتى ..
ما زلتُ أملكُ احساسا كموقدةٍ
ماتت وفيها حوار النار لم يمتِ ..
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
منذ 23 عام .. الخريف الأصعب فى سموحة ( تعرف على كواليس الانتخابات )
كتب / اسلام الديب يبدو ان نادى سموحة سيشهد خريف متقلب مع موسم الانتخابات هذا العام و الذى بدأ مبكرا على جروبات موقع التواصل الاجتماعى في...
-
حاورتها الصحفية نورهان سعدوني مراسلة جريدة الراية الدولية /الجزائر فـي سلسلة حواراتي مع كاتبات جزائريات تطل علينا الكاتبة نسيمة تومي , نس...
-
حصري جريدة الراية الدولية/ مكتب الإسكندرية تقدم أسرة جريدة الراية الدولية مكتب الإسكندرية برئاسة أ. صابر العقاري والمحررة رشا البص التي ...
-
كتب : صابر العقاري / محمد محمود تصوير /يوسف صابر حققت مسرحية بحر الدم على خشبة مسرح عبد المنعم جابر بالإسكندرية لافتة كامل العدد واستقبل...

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق